المشاركات

عرض المشاركات من 2017

الانسان البسيط المركب

بالنسبة لي هناك الفكري والعلمي وهناك السياسي وهناك الثقافي وهناك الاحاسيس وهناك ردات الفعل الانعكاسية من التحت الاحاسيس، كلها متداخلة ومتفاعلة وتحقق الانا. اذا كنت كائنا فكريا علميا فقط ساكون باردا ولا انساني، اذا كنت سياسيا فقط  ساتحول لانتهازي يصل لأهدافه حتى لو بالتضحية بقيمه، اذا كنت احتفي بالثقافة فقط فقدت عندي معناها الشامل، وان كنت اتعامل بالاحاسيس والمشاعر فقط تحولت لاهوج متناقض التصرفات ويميل لاطلاق الأحكام. على مستوى الفكر والعلم يمكن ان اناقش حجج اي شخص حتى عدوي فهذا مستوى بارد لا قيمة فيه لأي انفعال. على مستوى السياسة يمكن ان اتنازل فيما هو تكتيكي وغير أساسي لأصل لماهو استراتيجي واساسي ولا يتنازل عنه. على مستوى الثقافي والإبداع فالذائقة الشخصية لها الحكم الأول لذا فلا حكم وتجريم للاخر. على مستوى الحقوق، على مستوى الاحاسيس والشعور اقول كما قالت اليمامة لمن جاء يصالحها بعد ان قتل اباها كليب  وسألها ما شرطك للصلح؟ فقالت: أبي .. لا مزيد! أريد أبي عند بوابة القصر, فوق حصان الحقيقة, منتصبا .. من جديد ولا اطلب المستحيل, ولكنه العدل

الحرية ووهم الحرية

الحرية أم القيم والحقوق، تتضمن داخلها كل القيم الأخرى، فمثلاً لو تكلمنا عن الحقوق الإقتصادية والعدالة الإجتماعية، فالفقير ليس حراً فهو مكبل بقيود الفقر، والمضطهد إجتماعياً ليس حرأ فهو محروم من الفرص. لا يوجد إنسان خارج النظام الإجتماعي الإقتصادي خارج المؤسسات، ولا توجد حرية خارج المؤسسات والنظام مع معرفتنا بان كل المؤسسات والنظم تقيد الحريات، ولذا فالحريات نسبية ومتحركة نحو المطلق وصراع الحرية داخل المؤسسات والنظم لا ينتهي للأبد. بالرغم من ذلك، اذا أعتقد الإنسان الثائر بأنه بانطلاقه كذئب البراري وحيدا والعواء في وجه كل ما يعتبره قيد هو غاية حرياته فهو مخطئ تماما لأنه بالضبط يتحرك في فضاء سجن المؤسسات القاهرة القمعية في سجن النظام الاقتصادي الاجتماعي ولا يمارس ما يعتبره حريات الا اختلاسا وستنتهي هذه الحالة اما بعيشه وهم الحرية حتى الممات او قمعه وانسجامه مع القطيع. الحرية سعتها بقدر وسع المؤسسات والنظام الإجتماعي الإقتصادي لها، فإن ضاقت وضاق عنها فلابد من تغيير المؤسسات والنظام، تغيير ثقافتها وعلاقاتها الداخلية وعلاقاتها مع بعضها حتى تتسع للحرية. لكي تحقق قيم الحقوق والحريات اختراق...

المثقف الثوري ورؤية التغيير

ايها المثقف: رؤية واهداف التغيير لن ينتجها العمال والمهمشون، بل تخلقها انت وتقنع بها الجماهير ليحققوها معك في الواقع. الالتصاق بالجماهير ومنهم واليهم ونتعلم منهم ما معناها انو المهمشين حا ينتجوا رؤية وأهداف  وحلول لمشاكل النظام الاجتماعي الاقتصادي، ما لأنهم اغبياء وجهلة السبب لأنهم مطحونين تحت عجلة الحياة اليومية والقهر والقمع وما عندهم ترف وقت فائض للتنظير والتفكير ولا عندهم موارد لنشر ولتحقيق افكارهم، عشان كده الالتصاق بهم بعني توسيع دائرة الشوف عند المثقف البرجوازي وان يقوم قدر الإمكان بدراسة واقع المهمشين وحاجاتهم الآنية وجذور هذه الحاجات حتى يقوم بقيادة المهمشين و يغير النظام ليكون أكثر عدالة.  هناك من البرجوازيين من يقدمون الطعام للفقراء وهذا حل اني ولكنه غير ثوري، المثقف البرجوازي الثوري يدرس أسباب الفقر ويغير النظام لحل المشكلة في نفس الوقت الذي يتبرع بالطعام، وبهذا فهو لا ينظر للمشكلة من موقعه  كبرجوازي ولكن رؤيته تشمل النظام ككل.   إنتاج الرؤية والحلول والقيادة هذه ادوارممكنة للمثقف الثوري بما يملكه من ترف الإنفصال عن رهق وعنت الحوجات اليومية وبما يملكه...

جماعات التكفير والهجرة اليسارية

                  التغيير في تجسده المادي هو تغيير أهداف وهيكل المؤسسات وطريقة التفكير السائدة فيها ، تغيير علاقاتها مع بعضها البعض بحيث تتغيراهداف وهيكل وطريقة التفكير في النظام ككل وتغيير طريقة حركته لتحقيق هذه الأهداف.  السؤال هنا هو: كيف نغير مؤسسات النظام الإقتصادي الإجتماعي؟   والإجابة هى بالإشتباك المباشر معها والضغط عليها بتوجيه اسئلة الحقوق والحريات يومياً للمؤسسات المختلفة. ولكي يكون التغيير شاملاً لابد من أن تكون المسآئلة شاملة لكل المؤسسات من كل حسب موقعه وحسب إهتمامامته وقدراته. الندوات السياسية، المظاهرات، الكتابة على الحوائط، البيانات، الكتابة على الوسائط، المخاطبات في الشوارع لها دور في إيضاح طغيان وقهر السلطة وتبيان ملامح البديل  وزحزحة طريقة التفكير السائدة عن موقعها. لكن إن لم يكن هناك جدل واشتباك يومي مع المؤسسات الإجتماعية الإقتصادية يحاول أن يوظف هذه الخطابات لحركة فعلية في الواقع ويستفيد من تراجعات السلطة عن أي مساحة ليحتلها العمل المدني الدؤوب والمنظم الساعي...

مجتزأ دراسة الواقع السوداني

من يطلق عليهم الهامش في الادبيات الحديثة في السودان هم اعضاء في مؤسسات ما قبل رأسمالية ويتحركون باوامر البرجوأقطاعيين في الهامش لنيل نصيبهم من الكعكة ضد برجواقطاعيي المركز.  وهم ليسوا داخلين في تصنيفات نمط الانتاج الراسمالي  والذي على اساسه تم تقسيم القوى الفاعلة والتي تسعى لتحقيق برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية من قبل الحزب الشيوعي السوداني (ببساطة لان نمط الإنتاج في السودان  ليس رأسمالي وانما نمط انتاج برجواقطاعي هجين قسره الاستعمار وحافظت عليه الحكومات الوطنية) ، وانما يدخلون (كما بينت في كتابات سابقة) في نمط انتاج ما بعد الإستعمار وهو نمط انتاج قسره الإستعمار يحافظ على علاقات الإنتاج الإقطاعي القديم والمؤسسات القديمة وتركب على قمتها المؤسسات الحديثة بما فيها جهاز الدولة كأدوات سيطرة ونهب.  في المؤسسات القديمة يوجد رعاة ومزارعين واصحاب حرف ولكنهم ليسوا حتى احرار (شكلياً) لبيع قوة عملهم كما في المؤسسات الراسمالية حتى نسميهم عمال ومزارعين، ولكنهم مجبورون لبيع قوة عملهم لأسر سادة المؤسسات القديمة (العشيرة والقبيلة والطائفة والطريقة الصوفية) والنظام ا...

ماذا عن حق تقرير المصير؟

  حق تقرير المصير مكفول لكل قومية .. ولكن بالنسبة لي المشكلة في الدولة السودانية مشكلة عامة ولا تخص مجموعة بعينها، وان كانت هناك مجموعات واقع عليها اصر التهميش والإضطهاد والحرب.  ما اقوله ان  التجربة اثبتت أن الإنفصال ليس حلاً ولكنه إستمرار لنفس المشكلة وربما بسيناريو اسوأ في الدولة الجديدة، مالم يتم معالجة المشكلة الأم. الحل ليس في قرار البقاء مع الوطن الأم او الإنفصال وتكوين دولة جديدة. يظن البعض أنه وبالإنفصال  يتم التخلص من النخب المسيطرة في المركز بضربة واحدة وتتكون دولة جديدة متجانسة ليس فيها تراتب عرقي ولا هيمنة دينية ولا قهر اقتصادي  وتتحقق  في الدولة الجديدة بين يوم وليلة دولة المواطنة والعدالة والمساواة. بالطبع هذه تخيلات واوهام واستسهال للمشكلة وصياغة حل خاطئ كلياً، فمشكلتنا ليست مشكلة قوميات ، إنها مشكلة شعب واحد له جذور ممتدة عميقاً في الجغرافيا والتاريخ ولكنه ليس موحداَ حسب الإنتماء للوطن الجغرافيا والتاريخ، بل يقسم من قبل مراكز السلطة لأعراق مضهدة واعراق نبيلة بناءاً على الدين والعرق والثقافة والمكانة الإقتصادية. بوجود طريقة التف...

القمرية

صورة
قمرية على الشباك ابتلت ملاءات شموس وباسل بالقوقاي ولكنهما نائمان في البعيد يحلمان بالنوارس  قمرية يؤانسها ازدحام المحبة ايقظها الفجر بوعود خضراء على فرع النيم تهتز بالقوقاي تنادي وليفها ليبدأآ القطاف وقع صوتها في خلاء المكان دمعة حارة وقلب اسيف وشوق يموء في الشقة الفارغة

مؤسسة الأسرة

الثورى يزرع الحريات والحقوق في المؤسسات القائمة قدر طاقتها ، بدءاً بمؤسسة الأسرة مروراً بالمؤسسات المدنية والدينية والمؤسسات الخاصة والعامة، فإن وصلت المؤسسات لحدود وسعها وعجزت عن استيعاب الحريات والحقوق ينشئ الثوريون مؤسسات جديدة.   في مؤسسة الأسرة علاقات الزوج- الزوجة، الأب- الإبنة، الأخ- الأخت، يعيد المجتمع إنتاجها كعلاقات هيمنة وسائد ومسود ويسندها بمقولات من الرؤى الدينية السائدة والحكم والأمثال والقصص والحكايات والعادات والتقاليد المتوارثة. مؤسسة الأسرة هى الوحدة الأساسية في بناء النظام الإجتماعي الإقتصادي ككل، وواحدة من اهم وظائفها تجهيز الفرد للعب دوره في باقي مؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة، المدنية والدينية. في الأسرة يتم تجهيزك لتعرف ماهو موقعك المتوقع في النظام الإجتماعي، لمن تخضع ومن سيخضع لك، ماهو افق طموحك، كيف ستتعامل معك السلطات المختلفة، ماهو الصائب المتوقع وماهو الخطأ، وماهي حدود العقاب إن خالفت السلطات، مثال: الأسرة التي تعاقب أبناءها بالضرب سيقبل أبناءها هذا النوع من العقاب من كل سلطات مؤسسات المجتمع. مؤسسة الأسرة متشابكة مع باقي مؤسسات المجتمع وتؤد...

أغنية الثورة الأبدية

في نظام إقتصادي إجتماعي مفتوح للنقد والتطور ويستطيع كلما خنقته السلفية السياسية ،الثقافية ، الاقتصادية والإجتماعية أن يعيد إنتاج نفسه متجاوزاً لما يحدد تطوره وما تكلس من قيمه. في مثل هذا المجتمع لن يكون النبذ والتشاتم او التكفير والإقصاء أسلحة في معركة التطور. في نظام إقتصادي إجتماعي مغلق، سلفي في سياسته وثقافته واقتصاده واجتماعه ستقابل كل دعوة نقدية وتفكير مفتوح بأنها نبذ وشتائم وخروج على ألقيم والاخلاق والدين والعرف وستواجه بالطرد والإقصاء والتكفير وربما القتل. والمثال هو النظام الإقتصادي الإجتماعي في مكة وشكوتهم من شتائم وإساءات الإسلام والمسلمين ومواجهتهم لهم بالتعذيب والقتل والحرب. ليست هناك حرية مطلقة إلا على مستوى الوعي، كما انه لا توجد نظرية علمية مطلقة بمعنى أنها تستوعب الكون وتفسره مرة واحدة وللابد إلا على مستوى الوعي، وبرغم هذا فإنها وبوجودها هذا تمثل المنارة والهدف الذي يحرك العلماء فيصلون لها ولا يصلون. وكذلك الحرية المطلقة عموماً هى هدف ومنارة نسعى لبلوغها ولا نصل، لاننا محددون بالسياق الإقتصادي الإجتماعي. لو ركن العلماء المبادرين لحدود الواقع العلمي ...

ما بعد العلمانية، ما بعد السلفية

          في أوروبا القديمة وفي ظل سيادة النظام الإقتصادي الإجتماعي الإقطاعي المبنى على تراتب العرق والقداسة الدينية تأسست الدول في هذا الفضاء  التقليدي ومؤسساتها منحازة لأصحاب العرق النبيل ولأصحاب القداسة الدينية. كانت طرائق التفكير السائدة سلفية في كل مناحيها وبالذات في الرؤية المسيحية السائدة .  عندما عجزت النظم الإجتماعية الإقتصادية بطرق تفكيرها السائدة في الإجابة على أسئلة حوجات الإستقرار والتطور التي تطرح من داخل النظم ومن محيطها، فاقمت النخب النبيلة والمقدسة، في وبمؤسسات النظام ، من قمعها وقهرها وتصفيتها لكل متذمر ولكل مختلف وتمادت طرائق التفكير السائدة في سلفيتها فدخلت حتى فيما بين الفرد وما يعتقده، ما بين الفرد وجسده. في ظل هذا القمع المتمادي للحريات والحقوق وفي ظل عجز النظم الإقتصادية الإجتماعية بمؤسساتها عن تقديم حلول للأزمة وإجابات لأسئلة المستنيرين من منتقدي الرؤية السلفية من خارج الدين أم من منصة المسيحيين المؤمنين،  برزت رؤى دينية مسيحية متجاوزة للسلفية السائدة جعلت تجاوز التحديث لسلفية باقي المجالات ممكناً بدفع ...