دولة مابعد الإستعمار : أهداف ورؤى التغيير

مشكلة النظام الإقتصادي - الإجتماعي في السودان، أنه ومنذ الإستقلال وبعد أن تبينت عوراته، وهى ببساطة : 
عجز النظام عن أن يلبي حوجات السودانيين والسودانيات في ادارة الموارد وتوزيعها بكفاءة وفي العيش بكرامة وحرية ومساواة.
  بعد أن تبينت عورات النظام صارت مراكز القوى فيه تتناوب الصراع والإمساك  بالسلطة بزعم (وربما بنية خالصة) لإنقاذ النظام الإقتصادي-الإجتماعي من الإنهيار، في ظل هذا التناوب والتصارع جوهر مؤسسات البلد الإجتماعية الإقتصادية يظل كما هو (شكلياً مؤسسات حديثة، تسيطر عليها طريقة التفكير السلفية الأبوية العنصرية وتديرها عقلية الأب/ الشيخ/ الزعيم الملهم / إبن الأصول الذي لا لا رأي غير رايه) بل وتغدو المؤسسات أكثر فشلاً، ويا للغرابة تسعى القوى الحية في المجتمع مع (القوى المسيطرة إجتماعياً ومزاحة من السلطة) لكي تستعاد الديمقراطية .. ولكي يستعاد الفشل.
فإستعادة الديمقراطية هنا لا تعني في الحقيقة غير:
إستعادة النظام الخرب المشوه الذي خلفه لنا الإستعمار

بطوائفه وزعماءه، بطبقته الوسطى المترددة التي تستقوى إما بالسلطة السياسية للدولة او بسلطة الشيوخ والزعماء الإجتماعية.

النظام نظام بمراكز سيطرته وبمراكز المقاومة فيه في وحدة واحدة.... بجلاديه وبالمعذبين فيه في وحدة واحدة.... بطريقة التفكير السائدة فيه ..وطرق التفكير المسودة فيه في وحدة واحدة... إلى أن يتم التجاوز والإختراق لي تركيبة يولد فيها الجديد ويفنى من القديم شئ ويبقى منه شئ ولكن في سياق جديد..
 النظام الإقتصادي الإجتماعي عاجز ومنذ الإستقلال وحتى الآن عن إنجاز هذا التجاوز... لان ألهدف الذي يشتغل عليه دايماً هو إنجاز الديمقراطية الشكلية وهي ليست كافية لإنتشال النظام الإجتماعي الإقتصادي من أزماته . القوى الحية في المجتمع لم تتنازل شبراً ولم تتراجع في تضحياتها ولكنها تستنفذ نفسها في إنجاز التغيير الشكلي في حين أن المشكلة الحقيقية تكمن في قاع النظام الإقتصادي وتجره نحو الأسفل.
المشكلة ليست كفاءة القوى التي تريد التغيير

المشكلة في أهداف ورؤية التغيير فهي دون الحد الأدنى لحل أزمة النظام الإقتصادي الإجتماعي،ولذا نعود لنفس الدائرة ، لنفس الحلقة الشريرة من جديد.
أننا مثل من يحمل صخرة ويحملها بمشقة وتعب وعبر الأشواك والهوائم والسوائم ومنحدارت ومهاوي مهلكة ليضعها لا على قمة الجبل (الأهداف) كما هو مفترض ولكن على مسافةٍ منها، ومن ثم تتدحرج الصخرة للسفح ويعاود السودانيين والسودانيات رحلة عذابهم من جديد.
نحتاج لقادة رؤاهم أوسع ينبهوننا لقمة الجبل، ويحملون معنا الصخرة ويصلون معنا لأهدافنا الكافية حتى لا تتدحرج الصخرة.
لابد من من أن تضع القوى الحية في المجتمع رؤى واهداف جذرية وتراهن عليها وتدفع كلفتها حتى نرى تغييراً حقيقياً.


رواد التغيير وهم يثبتون عيونهم على الأهداف الجذرية الإستراتيجية ويبقون حركة الجماهير مرتبطة بها، في نفس الوقت يتحركون مع الجماهير لخوض المعارك التكتيكية برؤى منسجمة مع الرؤية الإستراتيجية. خوض المعارك التكتيكية فقط دون التركيز على أهداف التغيير الجذرية يحول مؤسسات التغيير لمؤسسات تشابه ماهو موجود وشائه في المجتمع، والإنشغال بالرؤية الكلية فقط يجعل المسافة بين الجماهير والقادة بعيدة. لذا المعركة هى بين الإثنين، خوض المعارك اليومية مع التمسك والتبشير برؤية واهداف التغيير الكلية.
أنا أرى هذه الأهداف في : التحول من دولة ما بعد الإستعمار إلى دولة الحداثة، من دولة تختلط فيها مؤسسات الإقطاع مع مؤسسات الحداثة، وعقل الإقطاع مع عقل الحداثة، التحول  لدولة العلمانية الديمقراطية، دولة المؤسسات الحديثة، دولة الإقتصاد الرأسمالي المختلط، دولة الضمان الإجتماعي في مواجهة الفقر، الجوع، العطش والمرض، دولة المواطنة، دولة الحقوق والحريات، دولة الفيدرالية.
لابد من أن يظهر قادة حقيقيين مكتملي الخيال
قادرين على وضع رؤى واهداف تتجاوز ماهو موجود 
منذ الإستقلال وحتى الأن
قادة يجيدون المساومة جداً ... ولا يساومون أبداً (فيما هو مبدئي).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطرف الثالث في حرب الخرطوم

الجنجويد في نادي نخبة الخرطوم

هل هناك ضرورة للعلمانية في مجتمعاتنا؟