بيدي لا بيد عمرو

في كتاباتي القديمة قلت أن الذي سيحول دون قيام دولة المليشيات ووراثتها لدولة ٥٦ هو العمل المدني الدؤوب لقيام الحكومات المحلية على اساس لجان الحي والقرية والفريق ومن ثم المدن والاقاليم واخيرا استلام السلطة. ومضمراً ان من سيقوم بهذا العمل هم الديمقراطيون والديمقراطيات الذين هم متحالفين لإنجاز هدف دولة الديمقراطية والسلم والعدل بزعامة وعلى اكتاف عامة المواطنين وفي قبل السودان الاربعة.

بسبب تدهور وفساد وقصر نظر النخبة بقيادتها العسكرية، تسارعت الاحداث والخراب، وإن تم انجاز ما نفخر به على صعيد قيام تحالفات غير مكتوبة بين ثائرات وثوار ديسمبر من كل الأقاليم وقيامهم بتكوين اللجان والتقدم بحماس وثبات لتحقيق اهدافهم، الا ان الواقع يتقدم على هذا التحالف بخطوات متسارعة .

الآن وفي ظل واقع تهديد قيام دولة الاسرة المستندة على القبيلة وتحطيم ما تبقى من سودان ٥٦، تبقت فرصة اخيرة لهذه النخبة بجناحيها المدني والعسكري ، بدلاً من توزعهم على المعسكرات المتحاربة واحلامهم بنيل نصيب من كيكة دولة الاسرة والمليشيا، أو بنيل نصيب من شبح دولة ٥٦ بدكتاتوريتها العسكرية_الكيزانية، بدلا من هذا عليهم التوحد والوقوف بثبات وتحطيم ما تبقى من سلطتهم ودولتهم، عل دولة تستوعبهم تنهض من الرماد، بديلاً لدولة قد تستخدمهم ولكن من المؤكد انها ستطيح بهم وبكل ما كانوا يملكون.

على النخبة بجناحيها المدني والعسكري أن تسارع الآن وتسابق الزمن إلى كل مراكز السلطة في السودان، ان كانوا حركات، احزاب، قبائل او طوائف او اصحاب اعمال، ويتفقوا على نموذج هيكل جديد  للسلطة يساوي بين المواطنين ومبني على أسس حديثة ويحقق مكاسب اقل بكثير للسلطات الحالية ولكنها اضمن وأكثر استقرارا".

فعلتها إنجلترا من قبل في تاريخها القديم، عندما أدرك النبلاء أن سلطتهم إلى زوال، وكانوا اصحاب قرار ورؤية، تحالفوا مع الطبقة الوسطى وضحوا بالاقطاعيين فظهر نظام جديد بديلاً للإقطاع وقابل للاستمرار في العصر الحديث وبخسائر كبيرة للنبلاء ولكنه على الاقل ضمن استمرارهم مع بعض المكاسب.

لايجب ان يفهم من هذا العرض ان المطلوب هو إعادة لتاريخ تقاسم السلطة في الخرطوم مع مراكز السلطة في الأقاليم وتقسيم الكيكة على الزعماء في الحركات والاحزاب والقبائل والطوائف، وبذا تستدام المشكلة وتظل ساقية الأزمة في دورانها، بل الهدف هو حقاً تحقيق شعارات ديسمبر في السلم والديمقراطية والعدالة وتقسيم السلطة ليس افقيا فقط بين النخبة في الخرطوم والاقاليم وانما راسيا على كل المواطنين في كل أنحاء السودان لتحقيق نظام جديد قابل للحياة والتطور.

يجب أن تبنى هذه السلطة ديمقراطيا وبتعاقد يبدأ من الحي والفريق والقرية.

بيدي لا بيد عمرو، والا فلن تضيع النخبة وامتيازاتها فقط، وانما ستبزغ دولة أو دويلات المليشيات، وينسى اسم السودان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطرف الثالث في حرب الخرطوم

انطفاء