نظام التحرش

كلنا متحرشين

 (لأننا رجال في نظام مبني على الاضطهاد والتحرش والقهر وهذا سبب وليس عذر)

التحرش وهو اي قول او فعل جنسي تجاه الآخر (بدون قبوله) بهدف الانخراط في علاقة جنسية او التسبب بإضطهاد الآخر واحاطته بمحيط عنيف وغير آمن مما يؤدى للقلق والخوف والاكتئاب وفي بعض الحالات للانتحار.

التحرش ليس التلفظ بالألفاظ الجنسية وليس هو الأفعال الجنسية، ولكنه الأقوال والأفعال الجنسية (المفروضة ولا يقبلها) الطرف الآخر.

قبول طرف بهذه الأقوال والأفعال في وقت ما لا يشترط قبوله لها في اي وقت، وان رفضها بعد ذلك فهى تحرش من وقت اظهار رفضه.

التحرش تمتد جذوره للبناء الاجتماعي الإقتصادي القائم للنظام وتحيزاته ضد بعض الاثنيات السودانية الاكثر سودا وأقل عربية والمرأة والمثليين والاطفال وكبار السن واصحاب الاعاقة، وضد الاديان المختلفة وحتى الرؤى الدينية الاسلامية الغير سائدة، وضدالفقراء والمهمشين من عمال وزراع ورعاة واصحاب المهن الهاشمية في المدن.

 نفس هذا النظام يحابئ ويكافئ الرجل المسلم الأقل سوادا صاحب الاثنية والثقافة العربية، من الطبقة العليا او الوسطى

التحرش مربوط بالسلطة وخريطة توزيعها حسب تحيزات النظام الاقتصادي الاجتماعي وعلاقات الانتاج وتمتد من الاسرة إلى كل مؤسسات المجتمع، ويمارسه من هو في مركز سلطة على الأضعف منه في مؤسسته وفي النظام الاقتصادي الاجتماعي ككل وإن كان هو نفسه في قاع سلم الترتيب الاقتصادي الاجتماعي.

التحرش في وعي وثقافة النظام السوداني بالنسبة للرجل طبيعي ومسموح به وبل ينظر له بالاعجاب من قبل الرجال الآخرين في مجتمعات الرجال. اكثر من ذلك هو أداة من ادوات النظام لقمع مهمشيه وضحاياه مثله ومثل ادواته الأخرى كالشرطة والامن والمحاكم والتربية والتعليم. 

لأن التحرش محفور في بناء أنظمة المجتمعات الذكورية (كل المجتمعات الآن) فالانظمة غالبا تفلح في اخفائه ويصعب إيجاد ادلة عليه، في بعض الدول التي اتجهت لتجريمه يؤخذ في الاعتبار قول الضحية، السياق، علاقات 

 يعتمد المتحرش بالإضافة للميزات الاقتصادية الاجتماعية من المجتمع على خوف الضحية من الوصمة الاجتماعية وعلى تواطؤ بقية الذكور.

السلطة وتاريخ المتهم.

التحرش إن ظهر في شكل كتابات على الميديا وسط المثقفين والمثقفات، فإنه قائم كأفعال عنيفة واغتصابات تمارس يوميا من قبل الافراد ومؤسسات الدولة على أجساد المهمشات من طبقة العمال والرعاة والزراع ومهمشات المدن واللاجئات ممن ليس لهم الحد الأدنى من شبكات الحماية.

التحرش هو تعبير عن سلطة يوفرها النظام الاقتصادي الاجتماعي للمميزين من افراده ومراكز سلطته، وتبدأ هذه بالقول والإشارة مرورا بالاعتداء الجسدي وقد تصل للاغتصاب. يستخدم هذا التعبير السلطوي لجني الفوائد الجنسية ولاخضاع الضحايا وقمعهم في نفس الوقت. وقد راينا قمة القمع الجنسي تستخدمه ادوات القمع في الدولة في اغتصابات مذبحة القيادة وحروب دارفور، كاوضح مثال على ان التحرش والاغتصاب هو في بناء النظام. 

هنالك اساس للتحالف النوعي العابر للطبقات للوقوف في وجه هذا الاضطهاد والقمع، ولكن يجب أن ننتبه جدا جدا أن حل هذه القضية ليس مرتبطا بحل قضايا النوع للطبقة البرجوازية فحسب، الحل الجذري مرتبط بحل قضايا النوع في أسفل الطبقات الاجتماعية، فبينما تقهر البرجوازية في نطاق رجال طبقتها وبعض المؤسسات، لأن التحرش مرتبط بالسلطة وسلطتها أعلى من رجال الطبقات الادنى، فأن المهمشة يتم انتياشها من كل الرجال في النظام وكل المؤسسات لان لا سلطة لديها ولا حتى على جسدها. اذن حل مشكلة أشد الفئات إضطهاداً في تقاطع النوع والطبقة يؤدي بالتالي لحل ممتد افقيا على المستوي الطبقي وراسيا على مستوى النوع وبهذا تحل أزمة النظام ككل.

يجب أن تنجز ثورة ديسمبر من بين ما ستنجزه إعادة هيكلة السلطات في النظام لتتوزع بصورة اكثر عدالة، ونظم مراقبة وتعديل للتجاوزات، ونظم حماية ضد الاساءة للاطفال والنساء على الخصوص.

اقل ما يمكن ان نبديه تجاه كتابات النساء عن التحرش أن نشعر بالخجل ونتعهد معهن ببناء نظام اقتصادي اجتماعي جديد بهذه الثورة، لا يمتلك فيه احد السلطة لامتهان كرامة احد آخر.

ولا أبرئ نفسي، إن النفس أمارة بالسوء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطرف الثالث في حرب الخرطوم

انطفاء

بيدي لا بيد عمرو