مات الأب، يحيا الأب !

دائماً ما أرى من خلال أسطر النقد السياسي والأدبي والفكري عقدة الأب (عقدة أوديب) تتكشف بملامح ظاهرة. وفي عقدة الأب يقوم الإبن بشتم الأب وتصغيره وتحقيره وتحديه لا لأنه لا يريده أن يستكمل مشروعه كأب، ولا لأنه يطرح مشروعاً بديلاً يناقض مشروع الأب، ولكن لأنه يريد أن يخلفه في مقام الأبوة، وهو مقام مقدس عند الإبن يعكس في الحقيقة كل تفوق الأب عليه.
لاحقاً حينما يصير الإبن أباً، حينما يبلغ مقام الأبوة المقدس يصبح مشابهاً لأبيه تماماً وتعود الساقية للدوران.
قد يكون المشروع السياسي ، الأدبي، والفكري مناقضاً في المحتوى لمراكز السلطة في المجتمع (السلطة السياسية والأدبية والفكرية) وهى هنا ،أي السلطات، في مقام الأب، ولكن تتم ترجمة هذا المحتوى عبر عقدة الأب ترجمة مشوهة ومحرفة، ويتم إدماج تفكير الأب السائد في منظومة المعارضة، وتجري معركة يستخدم فيها الأبناء نفس أسلحة الآباء، وبالطبع حتى وإن فاز الأبناء بالجولة فأجيال الآباء قد ربحوا المعركة بإستمرار طريقة تفكيرهم في الحياة عبر آبنائهم.
المطلوب ليس تحدي سلطة الآباء، المطلوب تجاوز المحتوى الفكري لهذه السلطة، المطلوب خوض المعركة الحقيقية: بناء المؤسسات الجديدة إبتداءاً من مؤسسة الأسرة، المطلوب طرح مشاريع جديدة تتجاوز ما طرحه الآباء، لأننا نتوق لولادة آباء وابناء جدد لقيادة معارك جديدة، غير معركة إستمرارية التخلف التي نمارسها الآن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطرف الثالث في حرب الخرطوم

انطفاء

الجنجويد في نادي نخبة الخرطوم